فصل: تفسير الآية رقم (204):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (190):

{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)}
{آتَاهُمَا} {صَالِحاً} {فَتَعَالَى}
(190)- فَلَمَّا رَزَقَهُمَا اللهُ تَعَالَى وَلَداً سَلِيماً سَوِيّاً، نَسِيَا دَعْوَتَهُمَا للهِ، وَجَعَلا الأَصْنَامَ شُرَكَاءَ للهِ فِي عَطيتِهِ لَهُمَا، وَتَقَرَّبَا إلَيْهَا شَاكِرَيْنِ. فَتَعَالَى اللهُ وَتَنَزَّهَ عَنْ كُلِّ شَرِكَةٍ فِي المُلْكِ.
(وَيَرَى الحَسَنُ البَصْرِيُّ أَنَّ المُرَادَ بِالسِّيَاقِ لَيْسَ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِنَّمَا المُرَادُ المُشْرِكُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا).

.تفسير الآية رقم (191):

{أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191)}
(191)- يَسْتَنْكِرُ اللهُ تَعَالَى عَمَلَ المُشْرِكِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ أَنْدَاداً وَأَصْنَاماً مَعَ اللهِ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ مَرْبُوبَةٌ، لا تَمْلِكُ لِنَفْسِهَا، وَلا لِمَنْ يَعْبُدُونَها، نَفْعاً، وَلا ضَرّاً، يَصْنَعُها عَابِدُوهَا وَيَخْلُقُونَهَا بَأيْدِيهِمْ، وَلا تَسْتَطِيعُ هِيَ خَلْقَ شَيءٍ لِذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى ذَوِي العُقُولِ السَّلِيمَةِ أَنْ لا يَجْعَلُوا المَخْلُوقَ العَاجِزَ شَرِيكاً للهِ الخَالِقِ القَادِرِ القَاهِرِ.

.تفسير الآية رقم (192):

{وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192)}
(192)- وَهَذِهِ الأَصْنَامُ المَعْبُودَةُ وَأَمْثَالُها، لا تَسْتَطِيعُ نَصْرَ مَنْ يَعْبُدُونَهَا، كَمَا لا تَسْتَطِيعُ نَصْرَ نَفْسِها إِذَا اعْتَدى عَلَيْهَا أحَدٌ، أَوْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئاً.

.تفسير الآية رقم (193):

{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193)}
{صَامِتُونَ}
(193)- وَهَذِهِ الأصْنَامُ لا تَسْمَعُ دُعَاءَ مَنْ دَعَاهَا وَلا تَفْهَمُهُ، وَلا تَعْقِلُ مَا يُقَالُ لَهَا، وَسَواءٌ لَدَيْهَا مَنْ دَعَاهَا وَمَنْ دَحَاهَا- كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلامُ-.

.تفسير الآية رقم (194):

{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194)}
{صَادِقِينَ}
(194)- يُؤَكِّدُ اللهُ تَعَالَى عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ هَذِهِ الأَصْنَامُ التِي يَعْبُدُهَا المُشْرِكُونَ، وَيَدْعُونَها مِنْ دُونِ اللهِ، هِيَ حِجَارَةٌ وَمَخْلُوقَاتٌ مِثْلُهُمْ، لا تَمْلِكُ لِنَفْسِهَا نَفْعاً وَلا ضَرّاً. وَيَقُولُ تَعَالَى لِعَابِدِي هَذِهِ الأَصْنَامِ: إِنَّهُمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فِي زَعْمِهِمِ أَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى مَا يَعْجَزُونَ هُمْ عَنْهُ بِقِواهُمْ البَشَريَّةِ مِنْ نَفْعٍ وَضَرٍّ، فَلْيَدْعُوا هَذِهِ الأَصْنَامَ لِتَسْتَجِيبَ لَهُمْ، إِمَّا بِأَنْفُسِهَا، أَوْ بِحَمْلِها الرَّبَّ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، عَلَى إِعْطَائِهِمْ مَا يَطْلُبُونَ هُمْ مِنَها. وَبِمَا أنَّها لَنْ تَسْتَجِيبَ لِمَنْ يَدْعُوهَا، لأنَّهَا حِجَارَةٌ وَجَمادَاتٌ، وَمَخلُوقَاتٌ عَاجِزَةٌ، لِذَلِكَ يَكُونُ مَنْ يَعْبُدُونَها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.

.تفسير الآية رقم (195):

{أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195)}
{آذَانٌ}
(195)- وَهَذِهِ الأَصْنَامُ لَيْسَ لَهَا أَرْجُلٌ تَمْشِي عَلَيْهَا، وَلا أَيْدٍ تَضْرِبُ بِهَا وَتَبْطِشُ، وَلا عُيُونٌ بِهَا تُبْصِرُ، وَلا آذَانٌ بِهَا تَسْمَعُ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَثَرٌ فِي ضَرٍّ أَوْ نَفْعٍ. وَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: ادْعُوا أَرْبَابَكُمْ هَؤُلاءِ، وَحَاوِلُوا أَنْتُمْ وَإيَّاهُم الكَيْدَ لِي، وَلا تُقَصِّرُوا فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذا الكَيْدَ لَنْ يَضُرَّ بِي شَيْئاً.
فَلا تُنْظِرُونَ- فَلا تُمْهِلُونِي سَاعَةً.

.تفسير الآية رقم (196):

{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)}
{الكتاب} {الصالحين} {وَلِيِّيَ}
(196)- إِنَّ اللهَ حَسْبِي، وَهُوَ مُتَوَلِّي أَمْرِي وَنَاصِرِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَهُوَ يَتَولَّى نَصْرَ كُلِّ صَالِحٍ مِنْ عِبَادِهِ، وَهُوَ الذِي نَزَّل القُرْآنَ بِالحَقِّ عَلَيَّ (الكِتَابَ).

.تفسير الآية رقم (197):

{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197)}
(197)- وَالأَصْنَامُ التِي تَدْعُونَها مِنْ دُونِ اللهِ لا تَسْتَطِيعُ نَصْرَكُم إِذا سَألْتُمُوها النَّصْرَ وَالنَّجْدَةَ، وَلا تَسْتَطِيعُ نَصْرَ نَفْسِها إذَا اعْتَدَى عَلَيهَا أَحَدٌ.

.تفسير الآية رقم (198):

{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198)}
{وَتَرَاهُمْ}
(198)- وَإِنْ تَدْعُوا الأَصْنَامَ، التِي يَعْبُدُهَا المُشْرِكُونَ، إِلَى أَنْ يَهْدُوكُمْ إلَى مَا تُحَصِّلُونَ بِهِ مَقَاصِدَكُمْ وَتَنْتَصِرُونَ بِهِ، لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ، لأَنَّهُمْ حِجَارَةٌ لَهُمْ عُيُونٌ تَنْظُرُ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُ، وَلِذَلِكَ فَإنَّهمْ عَاجِزُونَ عَنْ مَدِّ يَدِ العَوْنِ لأحَدٍ.
(وَهَذا القَوْلُ يَنْطَبِقُ عَلَى المُشْرِكِينَ أَيْضاً. وَقَالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ إِنَّ المَقْصُودَ بِهِمْ هُنَا المُشْرِكُونَ).

.تفسير الآية رقم (199):

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}
{الجاهلين}
(199)- أَعْرِضْ أَيُّهَا النَّبِيُّ عَنِ الجَاهِلِينَ، وَسِرْ فِي سَبِيلِ الدَّعْوةِ، وَخُذِ النَّاسَ بِمَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ، وَأَمُرْهُمْ بِكُلِّ أَمْرٍ مُسْتَحْسَنٍ تَعْرِفُهُ العُقُولُ، وَتُدْرِكُهُ الأَفْهَامُ.
وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَينِ إلا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَألَ جِبْرِيلَ، عَلَيهِ السَّلامُ عَنِ المَقْصُودِ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ بِأنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَتُعْطِيَ مِنْ حَرَمَكَ، وَتَصِلَ مَنْ قََطَعكَ». رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ.
وَقِيلَ إِنَّ حُسْنَ المُعَامَلَةِ يَكُفُّ العَاصِي عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ التَّمَرُّدِ.
العَفْوُ- هُوَ السَّهْلُ الذِي لا كُلْفَةَ فِيهِ.
خُذِ العَفْوَ- خُذْ مَا عَفَا وَصَفَا مِنْ أَخْلاقِ النَّاسِ.
وَأمُرْ بِالعُرْفِ- المَعْرُوفُ حُسْنُهُ فِي الشَّرْعِ.

.تفسير الآية رقم (200):

{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)}
{الشيطان}
(200)- فَإِذَا مَا اسْتَثَارَ الشَّيْطَانُ غَضَبَكَ لِيَصُدَّكَ عَنِ الإِعْرَاضِ عَنِ الجَاهِلِينَ، وَيَحْمِلَكَ عَلَى مُجَارَاتِهِمْ وَمُجَازَاتِهِمْ، فَاسْتَعِذْ بِاللهِ، وَاسْتَجِرْ بِهِ مِنْ نَزْغَ الشَّيْطَانِ، إِنَّهُ سَميعٌ لِجَهْلِ الجَاهِلِينَ عَلَيْكَ، عَلِيمٌ بِمَا يُذْهِبُ عَنْكَ نَزْغَ الشَّيطَانِ.
النَّزْغُ- كَالنَّخْسِ وَهُوَ إِصَابَةُ الجَسَدِ بِرَأسٍ مُحَدَّدٍ كَالإِبْرَةِ وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ.
يَنْزَغَنَّكَ- يُصِيبَنَّكَ أَوْ يَصْرِفَنَّكَ.

.تفسير الآية رقم (201):

{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)}
{طَائِفٌ} {الشيطان}
(201)- يَقُولُ اللهُ تَعَالَى إِنَّ المُتَّقِينَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا أَلَمَّ بِهِمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ بَوَسْوَسَتِهِ إِلَيْهِمْ لِيَحْمِلَهُمْ عَلَى المَعْصِيَةِ، أَوْ لِيُوقِعَ بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ... تَذَكَّرُوا أَنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ عَدُوِّهِمْ وَتَذَكَّرُوا أَنَّ رَبَّهُمْ قَدْ حَذَّرَهُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ وَنَزْغِهِ، وَسْوَسَتِهِ، فَتَابُوا وَأَنَابُوا وَاسْتَعَاذُوا بِاللهِ، وَرَجَعُوا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُمْ قَدِ اسْتَقَامُوا وَصَحَوْا (مُبْصِرُونَ).
مَسَّهُمْ طَائِفٌ- ألَمَّ بِهِمْ وَسْوَسَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ.

.تفسير الآية رقم (202):

{وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202)}
{وَإِخْوَانُهُمْ}
(202)- وَإِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ مِنَ الكُفَّارِ، وَهُمُ الجَاهِلُونَ الذِينَ لا يَتَّقُونَ اللهَ، تَتَمَكَّنُ الشَّيَاطِينِ مِنْ إِغْوَائِهِمْ فَيَمُدُّونَهُمْ فِي غَيِّهِمْ وَفَسَادِهِمْ، وَيَزِيدُونَهُمْ ضَلالاً، وَلا يَكُفُّونَ عَنْ ذَلِكَ وَلا يُقَصِّرُونَ فِيهِ، لأَنَّهُمْ لا يَذْكُرُونَ اللهَ إِذَا شَعَرُوا بِالنُّزُوغِ إِلى الشَّرِّ وَلا يَسْتَعِيذُونَ بِاللهِ مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ وَمَسِّهِ.
يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ- تُعَاوِنُهُمُ الشَّيَاطِينُ فِي الضَّلالِ.
لا يُقْصِرُونَ- لا يَكُفُّونَ عَنْ إِغَوَائِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (203):

{وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)}
{بِآيَةٍ} {بَصَآئِرُ}
(203)- قَالَ المُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ: ألا تُجْهِدُ نَفْسَكَ فِي طَلَبِ الآيَاتِ مِنَ اللهِ حَتَّى نَرَاهَا وَنُؤْمِنَ بِهَا؟ (وَقِيلَ إِنَّ المَعْنَى هُوَ: إِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قُرْآنِيَّةٍ بِأنْ تَرَاخَى الوَحْيُ عَلَيْكَ زَمَناً مَا، قَالُوا: لَوْلا اخْتَلَقْتَها، وَافْتَعَلْتَ نَظْمَهَا وَتَألِيفَهَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِكَ؟).
وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِأنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: إِنَّنِي لا أَتَقَدَّمَ إلى اللهِ تَعَالَى فِي طَلَبِ شَيءٍ، وَإِنَّمَا أتَّبِعُ مَا أمَرَنِي بِهِ رَبِّي، فَأمْتَثِلُ إلَى مَا يُوحِيهِ إليَّ، فَإِنْ أَنْزَلَ آيَةً أَبْلَغْتُها كَمَا أَمَرَ، وَإِنْ مَنَعَهَا لَمْ أَسْألْهُ ابْتِدَاءً عَنْهَا. إلا أَنْ يَأذنَ لِي بِذَلِكَ. ثُمَّ أَرْشَدَهُمْ إلَى أَنَّ هَذَا القُرْآنَ هُوَ أَعْظَمُ المُعْجِزَاتِ، وَأَبْيَنُ الدَّلالاتِ وَالبَييِّنَاتِ.
الاجْتِبَاءُ- هُوَ الاخْتِرَاعُ وَالاخْتِلاقُ.
هَذَا بَصَائِرُ- هَذا القُرآنُ حُجَجٌ بَيِّنَةٌ وَبَرَاهِينُ نَيِّرَةٌ.

.تفسير الآية رقم (204):

{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}
{القرآن}
(204)- لَمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أَنَّ القُرْآنَ بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ، أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِالإِنْصَاتِ إِلَيْهِ عِنْدَ تَلاوَتِهِ للانْتِفَاعِ بِهُدَاهُ، وَإِعْظَاماً لَهُ وَاحْتِرَاماً. فَإِذَا قَرَأَ الإِمَامُ فِي صَلاةِ الجَهْرِ فَالمُؤْتَمُّونَ بِهِ يَنْصِتُونَ وَلا يَقْرَؤُونَ مَعَه.

.تفسير الآية رقم (205):

{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)}
{الغافلين} {الآصال}
(205)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِذِكْرِهِ كَثِيراً فِي أَوْلِ النَّهَارِ وَفِي آخِرِهِ، كَمَا أَمَرَ عِبَادَه بِعِبَادَتِهِ فِي هَذينِ الوَقْتَينِ، (وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ). وَيَأْمُرُ اللهُ بِأَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ فِي النَّفْسِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، وَبِالقَوْلِ خُفْيَةً وَسِرّاً، لا جَهْراً، وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ خَفِيّاً لا نِدَاءً وَلا جَهْراً بَلِيغاً، وَبِأنْ لا يَكُونَ الإِنْسَانُ غَافِلاً عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَأَنْ يَسْتَشْعِرَ قَلْبُهُ الخُضُوعَ لَهُ، وَالخَوْفَ مِنْ قُدْرَتِهِ.
تَضَرُّعاً- مُظْهِراً الضَّرَاعَةَ وَالذِّلَّةَ.
خِيفَةً- خَائِفاً مِنْ عِقَابِهِ.